Saturday 18 June 2011

{Kantakji Group}. Add '9869' دقيقة نقاش الأسبوعية - الاعتراف بالذنب فضيلة

 

جريـــدة القــنديــل الاقتصــادية الأســـبوعية :

إعداد د.محمد وائل سعيد حبش

دكتوراه في الأسواق المالية

دقيقــة نقاش :

الاعتراف بالذنب فضيلة :

يرى أرسطو أن النفس الإنسانية مصدراً للحركة ، ولكنها مع ذلك ليست متحركة بذاتها كونها غير قادرة على تحريك نفسها لأن ليس لها حركة ذاتية بل هي محرك غير متحرك ، تحرك الجسم المتصل بها إن هي تحركت ولذلك واعتماداً على شروحات أرسطو فإن القوانين لدينا لا تتحرك لمصلحة المستثمر من تلقاء نفسها بل يجب أن يكون هناك من يحركها مثل مسار السوق الذي لا يمكن أن يتحرك بعكس اتجاهه الحالي مالم يحركه مؤثر يعكس اتجاه حركته الحالية وهذا المحرك يتعلق به فعل الحركة فإن لم تتحرك هيئة الأوراق والأسواق المالية فلا حول فيها ولا قوة ذلك لأن الحركة فعل ناتج من قوة .

في الأسبوع الماضي أكمل مؤشر دمشق للأوراق المالية  مساره الهابط فبعد أن اخترق حاجز الدعم السعري القوي وهو1208  نقطة وصل إلى نقطة 1133 يوم الخميس الماضي وعلى الرغم من تباطؤ التراجع فقلب مسار الحركة يحتاج إلى أفعال معاكسة للأفعال التي سببت الانخفاض ولكن تلك الأفعال تحتاج لقوة لوجودها .

 

وإن لاحت بوادر بعض القوة فكانت من  التصريحات التي بدت أكثر إيجابية واندفاعاً من قبل المدير التنفيذي الجديد للسوق المالي وهذا هو المتوقع بحكم استلامه حديثاً وامتلاكه لأجندة زمنية بأهداف يعمل على تحقيقها وأتمنى ألا يجاهد لتحقيقها منفرداً كما تعودنا أن تكون الإنجازات المتميزة من كفاءات فردية لا من فرق عمل متعاونة متجانسة دؤوبة ، أقول وبالرغم من ذلك فإن المناخ الرسمي العام المتعلق بالسوق المالي و توابعها تتلافى وتتهرب من الاعتراف بوجود أزمة بالأصل وهنا مربط المشكلة لدينا نحن المحللين والمراقبين والمستثمرين بكيفية القدرة على حل أزمة أو قضية إن لم تر المشكلة أو القضية بالأصل ؟!!  وهنا نفترق في تحليلنا إلى افتراضين فالأول يقوم بأن الجهات الرسمية تعترف ضمنياً بوجود مشكلة ولكنها تتهرب من التصريح خوفاً من تفاقم المشكلة أو خوفاً من مسؤولية وهذا ما تنفيه سيرورة وأدبيات الإدارة بأن حلول الأزمات تأتي أولاً بتشخيصها و تحديدها و الاعتراف بها ومن ثم معالجتها أما الافتراض الثاني فيقوم على أن الجهات الرسمية لا ترى أن مايحدث في السوق هو أزمة لننتقل في هذه الحالة من أزمة ثقة إلى أزمة رؤى .

و إذا انتقلنا للمحور الثاني وهو إصرار بعض الشخصيات على تكرار التصريحات المستفزة نفسها فنحن أمام حرية التعبير والرأي و"التنظير" لا نملك التقييم و المحاسبة بل من يملك التقييم هو السوق نفسه بمؤشراته و أسعاره وقيمة وحجوم تداوله وأمام هذا التكرار نجد أنفسنا نتراجع لخلفيات تلك الأقوال لنبحث في أصل و سبب هذا الكلام وهذا ما يقودنا للتكلم  عن الفضائل فعندما رأى أفلاطون بأن الفضائل ثلاث تدير قوى النفس الثلاث فالحكمة فضيلة العقل تكمله بالحق والعفة فضيلة الهوى تهدىء النفس و الشجاعة فضيلة الغضب تقاوم الخوف و مخافة الألم والمسؤولية ومن شروحاته نعلم بالضرورة أن الاعتراف بالذنب تندرج تحت الفضيلة الثالثة فهي تستلزم الشجاعة المحكومة بالحكمة الفضيلة الأولى  .

.

.

وعلينا أيضاً لنكون موضوعيين وحياديين ألا نحمل أزمة السوق كلها على الهيئات الرسمية فتبرير الهيئة بأن مايجري هو فقط تابع لعامل العرض والطلب هو توصيف للنتيجة وليس شرحاً للمشكلة ، وبالرغم من تسطيح المشكلة باختصارها إلى هذا العامل دون تحليل مقدماته وعوارضه ودون الالتفات إلى محفزات ومثبطات الطلب ومحفزات ومثبطات العرض فإن المستثمر والمضارب لدينا يتخبط كالغارق في عرض المحيط فتارة يتراكض إلى تصريح و تارة يهرول إلى استشارة صديق لا يعرف في السوق أكثر مما هو يعرف إلا أن المطلوب في الحقيقة هو موقف موحد ثابت جامع لمعظم المستثمرين وخاصة كبار المتداولين والذين لا يشكلون أكثر من خمسين متداولاً تجاه هذه القضية فالقضية تنقسم إلى تفسيرين فإما هؤلاء المتداولين يدفعون الأسعار إلى مزيد من الانخفاض وهنا نرفع لهم القبعات تقديراً لانتهازيتهم أو أنهم من ضمن السرب المشتت الذي يلحق سراب الأرباح قصيرة الأجل ضمن تلاطمات الأسعار اليومية للأسهم وإن ذهبنا للاحتمال الثاني سواء كان البائع المتداول مضارباً أو مستثمراً فعندئذ يختفي الهدف بالربح من ضمن الفعل لأن كل من يبيع بهذا الوقت إما مقلد أو جاهل أو خائف .

 

فليس من المؤلم أن نجهل مالا نعلم ولكن المؤلم حقيقة هو أن نجهل ما نعلم فمعرفة السوق والجهل بقواعده هو ما يجعل المتداولين يتخبطون في السوق فالمؤلم للمتداول جهله بأن السوق الذي يخافه الآن مؤلف من المتداولين أنفسهم.

 

No comments:

Post a Comment