Thursday 2 February 2012

{Kantakji Group}. Add '10743' دقيقة نقاش الأسـبوعية - الحقيقة المؤلمة

جريـــدة القــنديــل الاقتصــادية الأســـبوعية :

إعداد د.محمد وائل سعيد حبش

دكتوراه في الأسواق المالية

دقيقــة نقاش :

الحقـيقــة المـؤلمــة  :

منذ بداية الانفتاح الاقتصادي في الاقتصاد السوري و مع بدايات القرن الحالي صدر القرار الحكومي التاريخي بالتخلي عن السيطرة الأحادية للاقتصاد الوطني تحت ضغوط عانى منها الاقتصاد العام و ترنح إلى حد الاقتراب من الإفلاس فكانت القرارات بافتتاح البنوك الخاصة و الجامعات الخاصة و مؤخراً " الأحزاب السياسية الخاصة "  و إذا تابعنا المشهد الاقتصادي السوري خلال الســنوات الماضية فإننا كل ما نراه هو عبارة عن بطل و كومبارس ، فأما البطولة فكانت للقطاع العام الحكومي و أما الكومبارس فكان أعضاؤها نتائج الخصخصة السورية و هو كل ما هو خاص ضمن المعادلات الجديدة التي تخلت الدولة بموجبها عن بعض الامتيازات الحصرية لتقدمها إلى من يرغب من أصحاب المال في استثمار هذه الامتيازات المخصخصة في سوريا .

 

فكان المشهد الاقتصادي يظهر أن العلاقة التي كانت بين المؤسسات الحكومية الاقتصادية و المؤسسات الاقتصادية الخاصة المستفيدة من هذه الامتيازات شبيهة بعلاقة الأم مع أولادها فكانت تلك البنوك الخاصة و تلك الجامعات الخاصة  تحبو ضمن مناهج و مقررات الدولة و قدرة مؤسساتها الاقتصادية على مجاراة القطاع الخاص و لذلك كانت هذه القطاعات المفتوحة حديثاً تجارية القالب صغيرة التأثير في الاقتصاد و المجتمع و لذلك ليس من الظلم أن نطلق على تلك الجامعات بالدكاكين التعليمية و بالبنوك بالدكاكين المالية طالما أنها وبالرغم من شكلها المساهمي عجزت أن تتقدم بالبنية المجتمعية خطوة حقيقية سواء من حيث الثقافة المالية للمواطن أو من حيث الثقافة الفكرية للطالب .

 

و من ثم و عند افتتاح سوق دمشق المالي منذ ما يقارب الثلاث سنوات ألقي عبء توسيع و وتعميق السوق المالي على تلك الشركات التي تحبو و تدور في فلك القطاع الحكومي و سياساته و من ثم ليتم ممارسة الضغوط عليها للتوسع و زيادة رأسمالها وذلك لزيادة عمق و سيولة السوق فكانت قصص الفشل تتكرر أمام التعامي عن حقيقة هذه الشركات و ضعف وزنها في الاقتصاد السوري الحقيقي و محدودية المستثمرين الراغبين في تمويل الشركات المساهمة بسبب واقع التعتيم و اقتصاد الظل الذي يعيش فيه الاقتصاد السوري وبالتالي المستثمر السوري تجاه هذه الشركات و تأثيرها و أهميتها للاقتصاد الكلي .

و أمام تخبطات إعلامية حكومية لنشر الوعي بهذا السوق المالي و عناصره من شركات مساهمة و محدودية مالية لميزانية الدعاية و الترويج لهذا السـوق لم يخطو السوق خطوة حقيقية تقدمية للأمام و بادر إلى محاولات باستخدام الأدوات المالية التي يمتلكها من حدود سعرية و عدد جلسات التداول و الزج بشركات مساهمة صغيرة لا وزن لها على مستوى تعميق السوق فكانت النتيجة مراوحة في المكان على الرغم من التنظيم الداخلي الجيد للسوق و التشريع القانوني المتين و الذي استغرق عدة سنين إلا أن ذلك لم يكن كافياً لحل مشكلة السوق الرئيسية و التي هي على مستوى الاقتصاد الكلي و ليست على المستوى التنظيمي أو الإداري للسـوق .

وباحتساب نقطة للحكومة من إحداث تشريع صندوق سيادي ولكن بتاريخ بداية مجهول كتصرف لتحمل مسؤولياتها من حيث إعطاء وزن نوعي للسوق و دفعة لدرجة الثقة بالسـوق فإنه ورغم ذلك بقي تجاهل و غياب القطاع العام عن السوق المالي أكبر مشاكل هذا السوق و خصوصاً أمام  اللامبالاة في طرح  مسودة مشروع قرار في دخول القطاع العام إلى السوق المالي  بالشكل الخاص المساهمي العام و عدا عن ذلك ستبقى عبارة "السوق المالي مرآة للاقتصاد الوطني " كاذبة خادعة في السوق السوري بالشكل المشابه لخصخصة القطاع البنكي والتأميني و التي تم تمويل معظمها و تأسيسها من أصحاب المال المتحالفين مع البرجوازيين الحكوميين و السؤال الذي لا بد من طرحه في ظل هذه التجارب و المعادلات الاقتصادية السياسية السابقة هل ستدخل الأحزاب السياسية الجديدة و التي من المفترض أنها ستساهم في بناء و قيادة اقتصاد الدولة ضمن المعادلات السابقة الخادعة أي بتعبير آخر هل ستتحول إلى دكاكين سياسية كما تحول قبلها من قطاعات تم تخصيصها في السنوات السابقة وتمويلها من أسماء بعضها مثار تساؤلات ؟ أم سيستطيع بعضها فرض نفسـه كأحزاب جماهيرية شعبية ترفض الدوران في فلك الحزب " الحكومي " الواحد ؟

 

فالتعددية السياسية الحقيقية ستؤدي لا محالة إلى التعددية الاقتصادية ولنعترف بالحقيقة المؤلمة بأن سوق دمشق المالي الحالي  ما هو إلا ضحية لهذه المعادلات السابقة و صورة باهتة لاقتصاد السوق يحكم بعقلية الاقتصاد الموجه المركزي و نتيجة طبيعة إلى ما قد سبق فإن الشركات الخاصة و مؤسسات البنية التحتية إن لم تستطع أن تنفلت من هذه القبضة السياسية الاقتصادية فسيبقى هذا السوق ممسوخاً و حتى ولو أتى خبراء وول ستريت سابقاً ليقولوا لنا أن أفضل من هكذا سوق لا يمكن عمله ولكنهم في داخلهم عبارة تقول " أكثر من هكذا سوق الله ما مسخ " !.

 

No comments:

Post a Comment