Tuesday 17 January 2012

{Kantakji Group}. Add '10681' المساهمات عند العلامة ابن عثيمين رحمة الله عليه

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى، وخليله المجتبى، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها الناس، اتقوا الله تعالى، وقوموا بما أوجب الله عليكم من المعاملات التي أحلها الله لكم، ولا تتبعوا أهواءكم فتقعوا فيما حرَّم الله عليكم من المعاملات، وفي الجمعة الماضية تكلمنا عن المساهمات التي تطرح في الأسواق، وقلنا: إن هذه المساهمات على قسمين:

القسم الأول: مساهمات في بيوت الربا، وهي البنوك الربوية، فالمساهمات فيها حرام لا تحل؛ لأنها مساهمات في ربا، والربا من أعظم الذنوب الكبائر؛ حتى قال الله تعالى- فيه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: 278-279] فبالله عليكم بلغوني من الذي يستطيع أن يؤذن الحرب على الله ورسوله؟ إن من آذن الحرب على الله ورسوله فإنه مخذول بكل حال، منهزم على كل حال، فاتقوا الله عباد الله، واحذروا الربا إن كنتم مؤمنين، واتقوا النار التي أعدت للكافرين، ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [آل عمران: 132].

أما القسم الثاني: فهو المساهمات في شركات تكون للاستثمار بغير طريق الربا، ولكنه ربما يحصل فيها شيء من الربا بالأموال الفائضة التي تودعها في البنوك، أو بما تحتاج إليه من الدراهم، فتأخذه من البنوك فتعطي الربا، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم "لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال هم سواء"(41)، وبناءً على هذا فإن الذي أرى أن من الورع الذي يتقي به الإنسان الشبهات ويستبرئ لدينه وعرضه أن لا يشارك في هذه المساهمات، وما أغناه الله من المال الحلال فهو كاف، ولن يموت جوعاً ولا عطشاً إن شاء الله إذا اتقى الله عز وجل؛ لأن الله يقول: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب﴾ [الطلاق: 2-3]، وربما يشارك في هذه المساهمات المشتبهة، ربما يشارك فيها ولا يأكل من ربحها الذي يترقبه شيئاً، ربما يعاجله الموت قبل ذلك، وإنني أكرر أن المساهمات في البنوك حرام لا تحل بأي وجه من الوجوه، فاحذروا ذلك أيها المسلمون، ولا تغتروا بممارسة كثير من الناس لذلك، فإن الله - سبحانه وتعالى - سوف يسألكم يوم القيامة: ﴿مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ﴾ [القصص: 65] لن يسألكم فيقول ماذا اتبعتم الناس، ولكنه يقول: ﴿مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ﴾ [ القصص: 65] ونبينا صلى الله عليه وسلم بيّن لنا ذلك بياناً شافياً أيها الإخوة.

القسم الثاني: المساهمة في الشركات التي ليست مبناها على الربا، فأقول: إن من الورع ترك المساهمة فيها، ولكن إذا لم يسلك الإنسان سبيل الورع أو كان قد تورط فيها فإنه يبقى على مساهمته، وإذا وزع الربح فإن كان الربح مفصلاً قد بيّن فيه مقدار الربا فليخرج هذا المقدار تخلصاً منه لا تقرباً به؛ ليصرف هذا المقدار إما في صدقة على فقير، وإما في إصلاح طريق، وإما في عمارة مسجد، وإما في غير ذلك مما يكون مصلحة؛ لأن المقصود بهذه الصدقة هو التخلص وليس التقرب إلى الله بها، وحينئذٍ لا يرد علينا ما يورده بعض الناس فيقول: إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، فكيف يقبل الصدقة أو بناء المساجد في هذه الأموال المأخوذة ربا؟ فأقول: إن الذي يبذلها لا يقصد التقرب إلى الله بالصدقة بها، ولكنه يقصد التوبة منها والتخلي عنها، فيكون مأجوراً على التوبة فقط لا على الصدقة بها، ولو نوى الصدقة بها مثلاً فإن الصدقة لا تقبل؛ "لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا"(42)، وذمته لا تبرأ منها؛ لأنه لم ينوِ التخلص منها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"(43).

بقي علينا إذا كانت الأرباح ليست معينة في هذه الشركات ولا يدري الإنسان ما مقدار الربا فيها، فإن الاحتياط أن يتخلص من نصف الربح، ويكون نصف الربح له خالصاً، لا يَظْلِمُ ولا يُظْلَمُ، هذا ما فهمناه من كلام أهل العلم، وأسأل الله - تعالى - أن يرزقنا وإياكم الورع عما يضرنا في الدنيا والآخرة، اللهم ارزقنا الورع عما يضرنا في الدنيا والآخرة، وارزقنا الزهد فيما لا ينفعنا في الدنيا والآخرة، واجعلنا مقبلين على طاعتك، مكبين عليها على الوجه الذي ترضاه عنا يا رب العالمين.


المصدر: خطب الجمعة - بعنوان الحث على مكارم الأخلاق والاداب والأعمال الفاضلة- الخطبة الثانية

--
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "Kantakji Group" group.
To post to this group, send email to kantakjigroup@googlegroups.com
To unsubscribe from this group لفك الاشتراك من المجموعة أرسل للعنوان التالي رسالة فارغة, send email to kantakjigroup+unsubscribe@googlegroups.com
For more options, visit this group at
http://groups.google.com/group/kantakjigroup?hl=en
سياسة النشر في المجموعة:
ترك ما عارض أهل السنة والجماعة... الاكتفاء بأمور ذات علاقة بالاقتصاد الإسلامي وعلومه ولو بالشيء البسيط، ويستثنى من هذا مايتعلق بالشأن العام على مستوى الأمة كحدث غزة مثلا... عدم ذكر ما يتعلق بشخص طبيعي أو اعتباري بعينه باستثناء الأمر العام الذي يهم عامة المسلمين... تمرير بعض الأشياء الخفيفة المسلية ضمن قواعد الأدب وخاصة منها التي تأتي من أعضاء لا يشاركون عادة، والقصد من ذلك تشجيعهم على التفاعل الإيجابي... ترك المديح الشخصي...إن كل المقالات والآراء المنشورة تُعبر عن رأي أصحابها، ولا تعبّر عن رأي إدارة المجموعة بالضرورة.

No comments:

Post a Comment