Sunday 15 January 2012

{Kantakji Group}. Add '10667' دقيقة نقاش الأســبوعية - الشفافية ومعايير المحاسبة

جريـــدة القــنديــل الاقتصــادية الأســـبوعية :

إعداد د.محمد وائل سعيد حبش

دكتوراه في الأسواق المالية

دقيقــة نقاش :

 

الشــفافية و معايير المحاسبة :

ستقيم سوق دمشق للأوراق المالية دورة تدريبية في مجال المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية وهي تتوجه فيها إلى المدراء الماليين ومدققي الحسابات الخارجيين والداخليين، كما تتوجه إلى المحللين الماليين في الأسواق المالية والبنوك والشركات و العاملين في الجهات الرقابية العامة، و أعتقد أن هذه خطوة لتعزيز الشفافية في إظهار القوائم المالية للشركات المدرجة في السوق و التي في طريقها للإدراج في السوق كما أنها تهيء الشركات الخاصة  الراغبة في التحول إلى مساهمة عامة أو الشركات العامة التي تريد أن تحول جزءاً من رأسمالها إلى مساهمة من أن تمتلك الجاهزية المحاسبية و بالتالي المالية والقانونية للانتقال إلى شكل المساهمة العامة .

إن عدم توفر هذه الجاهزية قد أعاق عدد من الشركات المساهمة العامة الحالية من الإدراج في السوق المالي النظامي بسبب عدم اتباعها لهذه المعايير الدولية المحاسبية على الرغم من أقدمية هذه الشركات في السوق السوري و جعل الشركات العامة الحكومية في حالة مستعصية لتدقيق دفاترها حسب المعايير الدولية بافتراض أخذت كل الموافقات اللازمة لتحويل بعضها إلى الشكل المساهمي .

إن شركات التدقيق المحاسبية و على الرغم من أهميتها البالغة في إصدار القوائم المالية وفق المعايير الموحدة ليتم احتساب معدلات الأرباح الأجمالية والصافية و الاهتلاكات و القيمة الدفترية بصورة واحدة لتعطي مصداقية في هذه الأرقام أولاً و توحيد أسس المقارنة المالية بين الشركات المساهمة في القطاع الواحد أو الشركة الواحدة على عدة سنوات فإنها تخضع للعديد من التحديات .

ففي عام 2001  انهارت شركة انرون و الذي كان من أبرز عوامل انهيارهاعدم تطبيق أو انعدام أخلاقيات المهنة ، حيث سقطت الشركة العملاقة بأصول تقدر قيمتها بـ 63.4 مليار دولار وهي أكبر عملية إفلاس لشركة أمريكية إن لم تكن على مستوى العالم .
فقد ارتفع سعر سهم شركة إنرون من أقل من 7 دولارات في  تسعينات القرن الماضي حتى وصل إلى سعر 90 دولاراً منتصف عام 2000 ولكنه فقد قيمته فجأة ليصبح 90 سنتاً نهاية عام 2001 وقد كان من أهم عوامل الانهيار  قيام إدارة الشركة بتضخيم أرباح الشركة إلى نحو مليار دولار في العام الذي سبق انهيار الشركة، كما أن الرقابة الداخلية في الشركة فشلت من الناحيتين الأخلاقية والمالية نتيجة للتواطؤ الداخلي إضافة إلى أن مكتب آرثر أندرسن الذي كان مكلفاً بمراجعة حسابات الشركة كان يقوم بالمراجعة الداخلية أيضاً إضافة إلى كونه يقدم خدمات استشارية هائلة وهو ما أدى فيما بعد إلى إصدار  قانون ساربنس أوكسلي لعام 2002، الذي وصف بأنه أكثر التشريعات أهمية وتأثيراً في حوكمة الشركات والإفصاح المالي وممارسة مهنة المراجعة منذ قانون تداول الأوراق المالية الأمريكي خلال الثلاثينيات من القرن الماضي والذي يمنع الجمع بين مهمة التدقيق المحاسبي للشركة وتقديم الاستشارة المحاسبية للشركة .


تعد حادثة "إنرون" تذكيراً مهماً لطبيعة العلاقة المهمة بين المراجعة الداخلية مع لجنة المراجعة؛ حيث يحتاج المراجعون الداخليون كما هو الحال بالنسبة للمراجعين الخارجيين لرفع تقاريرهم إلى لجنة المراجعة بكل ما يواجههم مباشرة بدلاً من الرفع للإدارة.
وقد كان بعض أعضاء لجان المراجعة قد خلطوا بين العلاقة المهنية و العلاقة الشخصية عندما أقاموا روابط شخصية مع الشركة إضافة إلى تقاضي المبالغ الطائلة مما أثر بشكل أو بآخر على استقلالية وحياد لجنة المراجعة. ويبدو أن تعارض المصالح بين المساهمين و بين الإدارة التي تحصل إلى العلاوات و المكافآت و الرواتب الخيالية قد جعلها تتحكم بالمعلومات الداخلية و مصداقيتها بما دمر الشركة في نهاية المطاف.

إذ إن شركة آرثر أندرسن كانت تتشارك مع شركة إنرون مكاتبها وتمزيق الأوراق بشكل مخالف حيث قامت بتمزيق مئات الأرطال من وثائق شركة إنرون مقابل 52 مليون دولار سنوياً كم أن شركاء مكتب آرثر أندرسن وبقية فريق العمل لم يكونوا مدربين على تبني نظرة الشك المهنية التي كان عليهم تبنيها ولذلك كانوا يقبلون بكل سهولة تقديرات وتوجهات الإدارة في القضايا والصفقات المالية، بل إن شركة إنرون احتاجت لدى عقدها إحدى الصفقات وإجرائها بعض الممارسات المحاسبية الخاطئة لرأي خطي من مكتب المراجعة يبرر تلك الممارسة،

ولا شك أن ما حدث في الولايات المتحدة وغيرها من دول العالم ليس ببعيد عنا، بغض النظر إلى التفاوت الواضح في جودة الخدمة والأتعاب المقدمة لمكاتب المراجعة في الجمهورية العربية السورية.، ولا شك  أن هناك منشآت تعد قوائم مالية لفترة واحدة تشمل معلومات مالية مختلفة، كما أن هناك محاسبين قانونيين يصدرون تقريرهم دون تحفظ رغم اختلافها إن لم نعترف صراحة أن هناك من المراجعين من يصدرون تقاريرهم دون أن يقوموا بمراجعة حتى لحسابات الشركة .

لقد كانت الجامعات الأوروبية في القرن التاسع عشر تقدم مواداً تتعلق بالأخلاقيات و الفضيلة في العمل لتتلاشى هذه المقررات في القرن الماضي و لتعود هذه الفضائل إلى الواجهة في الوقت الحالي فقد أثبت الواقع أن الارتقاء العلمي و المهني في المحاسبة و المراجعة والتدقيق الخارجي يبقى معلقاً إن لم تصاحبه تطبيقاً لهذه الفضائل في المهنة و لذلك نرجو أن تكون هذه الدورة استكمالاً وزيادة  للارتقاء الأخلاقي بالمهنة وليس تجاوزاً لها بافتراض أنها من المسلمات .

 

No comments:

Post a Comment