Saturday 7 January 2012

{Kantakji Group}. Add '10631' دقيقة نقاش الأسبوعية - خصوصية المخ السوري

 

جريـــدة القــنديــل الاقتصــادية الأســـبوعية :

إعداد د.محمد وائل سعيد حبش

دكتوراه في الأسواق المالية

دقيقــة نقاش :

خصوصية المخ السوري :

 

تفاجأت من أن هناك مازال من النخبة الاقتصادية يتكلم بخصوصية الاقتصاد السوري و كأن هذا الكلام يعني الحصن الحصين لهذا الاقتصاد من أي انتقاد داخلي في آلية عمل الاقتصاد أو خارجي في البنية المشكلة لهذا الاقتصاد ، و إن كنت من مؤيدي فرضية أن كل اقتصاد دولة يختلف عن غيره سواء من حيث مصادر الدخل و الثقافة و الرؤيا إلا أن ذلك لا يمنع أن شــيفرة النجاح واحدة من حيث المقومات و مدخلات المعادلة .

فلا يمكن أن يختلف الإنسـان العاقل أن من مدخلات معادلة النجاح هي التنظيم و روح الفريق في العمل و الاجتهاد و مكافحة الفسـاد و الاستفادة الحقيقية من تجارب الآخرين فإن كانت هذه المدخلات محققة بشكل كامل فأنا أول المؤيدين لفرضية خصوصية الاقتصاد السوري و ليس على أحد بانتقاد هذا الاقتصاد المتفرد !

ولكننا على أرض الواقع لا نجد هذه المدخلات الأساسية في معادلة نجاح أي اقتصاد فالفوضى الاقتصادية تملأ القطاع العام و الخاص معا و روح الأنا هي الغالبة في الأعمال الإنتاجية أما عن الكسل و الفساد فحدث و لاحرج فعلى أي خصوصية نتكلم في ضمن هذه المعطيات!

وإن لاحت بوادر بعض الأمل في انتفاضة حقيقية لهذا الاقتصاد فكانت  بالتصريحات التي بدت أكثر إيجابية واندفاعاً من قبل الوزراء و المستشارين للاقتصاد السوري  ولكننا رأينا فيما بعد أجندات بدون زمن و استعراضات فردية   فكانت الإنجازات المتميزة من كفاءات فردية لا من فرق عمل متعاونة متجانسة دؤوبة ، أقول ذلك و أنا أرى المناخ النفسي العام المتعلق بالسوق المالي  متدني  و بالرغم من العدالة  ألا يتم تحميل السوق المالي أكثر من طاقته في هذه الأزمة الراهنة و حتى في ظروف السوق قبل هذه الأزمة  إلا أن السوق كان من الممكن أن يتدارك أخطاء لو استطاع تداركها لكانت قد ساهمت في تخفيف حدة الأزمة وحتى في تلافي مقدمات تراجع الأسعار في سوق دمشق للأوراق المالية .

 

فلا أؤمن أن خصوصية السوق السوري ستدفعنا لتجاهل مسألة تهميش القطاع العام الحكومي في إدراجه في سوق دمشق للأوراق المالية و هو الذي يساهم في البناء الحقيقي في الاقتصاد الوطني كما أنه يمسك بالقطاعات الحيوية التي تنهض بالاقتصاد بطرح جزء من رأسماله للخصخصة العامة لا أن يتم تحميل السوق المالي الوطني للقطاع الخاص للقيام بعبء توسيعه و عمقه و زيادة قيم و حجوم تداولاته فإن اشتكينا و نقدنا من السوق المالي فمن الواجب الانتباه و الملاحظة أن يكون السوق مرآة للاقتصاد الوطني يعني أن يكون ممثلاً أيضاً للشركات الحكومية الحيوية الإنتاجية في تشكيل هذا السـوق .

كما أن الخصوصية السـورية لن تمنعنا من مراقبة تجارب الأسواق المالية الأخرى فأصل الشركات المساهمة العامة قد وجدت لتمويل المشاريع الحيوية الهامة و التي تساهم في تأسيس القوة الاقتصادية للدولة فإن كانت الخصخصة العامة بعيدة المنال في الوقت الراهن ولكنها بالتأكيد غير مستحيلة ، فهل هناك ما يمنع من تأسيس شركات إنتاجية حكومية تطرح جزء من رأسمالها للاكتتاب العام تمهيداً لإدراجها في سوق دمشق المالي ؟

لعل طرحنا للظروف الاقتصادية المساندة لهذا الطرح سيزيد من مصداقيته خاصة إن علمنا بالتحديات التي تواجه موازنة الدولة العامة في هذا العام و قدرتها على تأمين السيولة لتمويل الإنفاق الاستثماري من الموازنة كما أن الاكتتاب في شركة مساهمة عامة حكومية سيمتلك من المصداقية والأمان المالي للمساهم الصغير أكثر مما ستملكها أي شركة خاصة تطرح رأسمالها للاكتتاب العام ناهيك عن ميزة نقل اقتصاد الظل المتراكم إلى الضوء و العلن بإقامة مثل هذه الشركات المساهمة و قدرتها على خلق فرص عمل جديدة أمام انسحاب القطاع الخاص من واجب احتواء العمالة في فترات الكساد و الأزمات السياسية .

 

نعود مجددين من حيث بدأنا وهي الخصوصية السورية فإن استمرينا بالتفكير في داخل الصندوق نفسه فسنبقى ندور ضمن حلبة السباق نفسها أما إن حررنا فكرنا الاقتصادي لنتجاوز ماتم افتراضه خطوطاً حمراء و مفاهيم بديهية و منجزات لا يمكن تبديلها أو تطويرها فالفشل سيكون عنوان الاقتصاد السوري فهذا الاقتصاد يحتاج في هذه المرحلة إلى صناعة المفاهيم أي الارتقاء بالمنظومة الاقتصادية الفكرية المحلية إلى مستوى أعلى من حيث التأطير و الإدراك بالتغيير و إزالة الحواجز النفسية المنطلقة من افتراض أن خصوصيتنا تمنعنا من أي تطوير أو تجاوز ما رسمه أسلافنا الاقتصاديين من سياسات كانت مناسبة ضمن ظروف عامة مساندة لكن المتغيرات العامة تسارعت في العقود الأخيرة لتفرض على السياسات و الاستراتيجيات أن تكون أكثر مرونة و استيعاباً للمستجدات .

و نهاية أؤمن بأن معادلة واحدة هي الثابتة في الاقتصاد و هي أن التقدم يعني دوماً التغيير إلى الأمام .

 

No comments:

Post a Comment